المؤتمر الخامس- التعليم من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية
نظّم معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت، بدعم من الصندوق العالمي للنساء ومؤسسة فريدريك إيبيرش، مؤتمره السنوي الخامس يوم الأربعاء 13 آذار تحت عنوان "التعليم من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية"، بمشاركة باحثاتٍ وباحثين من الكوادر المحلية المتميزة ومن فلسطين 1948 وبالمشاركة المتميزة للبروفيسور سليم فالي القادم من جنوب أفريقيا.
افتتح المؤتمر أعماله في قاعة مبنى معهد دراسات المرأة بكلمة نائب رئيس جامعة بيرزيت د. سامية حليلة التي عبّرت عن فخرها وفخر الجامعة بأداء معهد دراسات المرأة المتميز و"بإبداعه وحيويته في إثارة ما يهم مجتمعنا من قضايا تؤثر على قدراته في مواجهة ما يحيط به من تحديات وعقبات". وأشارت د. حليلة إلى الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني من احتلال وهجمة استيطانية شرسة ومن ازدياد ثقل الظروف الاقتصادية الصعبة على كاهل الشعب الفلسطيني، حيث لا تنفصل قضايا التعليم عن هذا السياق الاستعماري الذي يستهدف اقتلاع مكوّنات الشخصية الوطنية الفلسطينية وهويّتها من خلال سياساتِ هيمنةٍ تتقصّد تكبيل هذه الشخصية وإعادة إنتاج جيل مسلوب الإرادة غير قادر على النهوض ناهيك عن الفعل. وتمنّت د. سامية حليلة للمؤتمر "كل النجاح والتوفيق في إيجاد تلاقح فكري خصب يفتح آفاقًا جديدة على درب تحقيق نجاحات في مسار تحرّر المجتمع الفلسطيني، نساءً ورجالاً، من قيود الاستعمار والقهر والتبعيّة ليكنّ عنصرا دافعا ومحفزاً لبناء مجتمع منتج وفعال".
ورحبت د. إصلاح جاد، مديرة معهد دراسات المرأة، بالحضور متحدثة عن القضايا التي ناقشها المعهد في مؤتمراته السابقة كما تحدثت د. لينة ميعاري حول الإطار النظري الناظم للمؤتمر طارحةً عددًا من الأسئلة تتمحور حول إمكانية التعليم على أن يكون أداة تحرر للمجتمعات أم أنه بالضرورة أداة تطويع بيد السلطات ووسيلة لإعادة إنتاج علاقات القوة بما فيها التمايزات على أساس الطبقة والنوع الاجتماعي. وأكدت د. ميعاري على أن طرح هذه الأسئلة يهدف لإثارة الجدل بين الأكاديميين والنشطاء والمهتمين بقضايا التعليم بتقاطعاتها مع البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بغية محاولة رسم ملامح أولية لإطار نظري يبغى توجيه التعليم والإنتاج المعرفي باتجاه التحرر والعدالة الاجتماعية.
بعد الجلسة الافتتاحية، عُرض فيلم قصير من إنتاج حملة الحق في التعليم التابعة للعلاقات العامة في جامعة بيرزيت، تناول دور الممارسات الإسرائيلية في قمع عملية التعليم في فلسطين.
افتتح المؤتمر أعماله بمداخلة رئيسية قدمها عبر أل Skype ،من عمان، مدير مركز الحق في التعليم والتغيير في كلية التربية في جامعة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا البروفيسور سليم فالي، بعنوان " التعليم من أجل التحرّر في جنوب أفريقيا: منشأ، إرث وإمكانات مشروعٍ غير مكتمل في جنوب أفريقيا ما بعد الفصل العنصري" حيث تناول تجربة جنوب أفريقيا العريقة في المقاومة من خلال التعليم من أجل التحرر مشيرًا إلى أن هذه المقاومة قد أنتجت معرفة متنوعة في فلسفة التربية في مواجهة الرأسمالية والفصل العنصري كما أنتجت حركة التعليم الشعبي وحركة تعليم العمال وغيرها. كما تحدث د. فالي عن طبيعة التسوية التي تم التفاوض حولها ما بين ما بين القوى التحرّرية السابقة ونظام الفصل العنصري واستمرار الطابع الطبقي لدولة جنوب أفريقيا ودمج جنوب أفريقيا في السوق الاقتصادي العالمي الذي أدّى إلى تمزيق الممارسات والمبادئ التعليمية التي أنشأها المجتمع المدني في مرحلة السبعينيات حتى بدايات التسعينيات. يُذكَرُ في هذا السياق أن المناضل والتربوي سليم فالي قد تمّ منعه من الدخول للأراضي الفلسطينية من قبل الاحتلال الصهيوني بادّعاءات كونه يشكّل خطرًا على أمن إسرائيل.
وقد توزعت أوراق المؤتمر على ثلاث جلساتٍ افتتحتها د.سُنينة مايرا كرئيسة للجلسة الأولى تحت عنوان "تأملات في قضايا المعرفة والثقافة والتعليم" وقدّمت د. رباب طميش الورقةَ الأولى بعنوان "تربية المقموعين في السياق التربوي الفلسطيني: نظرة تأملية". وفي ورقةٍ بعنوان "ما أصغرَ الدولة: كيف يتخيل طلبة ما بعد أوسلو خارطة فلسطين" تناول د. عبد الرحيم الشيخ تجربة مساق "فلسطين الماضي والحاضر" مسلّطًا الضوء على كيفية رسم طالبات المساق خارطة فلسطين بعد أربعة أشهر من دراسة فلسطين ماضياً وحاضراً. كما استعرض نماذج من المرئيات الفلسطينية ذات العلاقة لتشير إلى حجم الخراب الذي سببته السياسات الثقافية والتربوية الرسمية فيما بعد أوسلو في كيفيات تذهُّن الأجيال الجديدة لفلسطين (أرضاً، وناساً، وحكاية)، وخارطتها. أما الأستاذة إنتصار حمدان فقدّمت ورقة بعنوان " النوع الاجتماعي والتعليم: دروس مستخلصة من الواقع".
وقد افتتحت د. سامية البطمة الجلسة الثانية (التي تتناول سياسات التعليم الفلسطيني) معطيةً الكلمة للدكتورة نداء أبو عواد، التي أكّدت في مداخلتها على أن بناء نظام تعليمي تنموي ومقاوم للاستعمار وتمكيني للنساء لا يمكن تحقيقه إلا في بيئة مقاومة لوجود الاستعمار، وفي ظل نظام سياسي يتبنى ويقوم على سياسات نقيضة للسياسات الليبرالية الجديدة التي تكرس مصالح الجهات المتنفذة في السلطة الفلسطينية، والخاضعة لشروط المانحين والداعمين لها. أما المهندسة رندة هلال فقدّمت ورقة بعنوان "سياسات النوع الاجتماعي والتعليم من المدرسة حتى سوق العمل". كما قدّمت د. ميرفت بلبل ورقةً حول النساء والعلوم مسلِّطةً الضوء على بعض النتائج المتعلقة بالفجوة القائمة بين الجنسين في الوظائف في المجال الأكاديمي والمهني في فلسطين ضمن مشروع بحثي مشترك يقوم به معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت بالشراكة مع مؤسسات عربية وأوروبية. وقدّمت طالبتا الماجستير في جامعة بيرزيت، حنين الشرفا ودعاء عواد ورقة، تحت إشراف د. جهاد الشويخ، بعنوان "المرأة في/والرياضيات: تحليل لغوي بصري". في ختام الجلسة الثانية قدّمت المدرّبة في مجال الإعاقة في مركز دراسات التنمية جامعة بير زيت، إخلاص اشتيّه، ورقة بعنوان " تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين" بالإضافة إلى ورقة تناولت تجربة لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة في جامعة بيرزيت وأهدافها وإنجازاتها قدّمتها أ. مي الشنطي.
ترأست الجلسة الثالثة حول "التعليم في ظلّ تقنيات الاستعمار" د. لينة ميعاري مفتتحةً الجلسة بتقديم د. سهاد ضاهر ناشف، من مركز مدى الكرمل، التي تناولت في مداخلتها موضوع "الكليات العربية في الداخل: "ثلاثية المنالية، الإقصاء والأبوية" حيث استعرضت الخطاب البحثي الفلسطيني حيال تأهيل المعلمين الفلسطينيين في الداخل متوصّلة إلى الاستنتاج بأن الكليات العربية الإسرائيلية في الداخل تخرج معلماتٍ مقموعات ينقلن ذهنية الخنوع والقمع للأجيال التي يقمن بتدريسها في المدارس. أما أ. ساما عويضة فقدّمت مداخلة بعنوان " تعليم الفتيات في القدس ما بين الواقع والطموح". في ختام الجلسة تحدث أ. وسام الرفيدي عن تجربة الحركة الأسيرة والدور الهام الذي لعبته الحياة الثقافية في تعزيز مقومات الهوية الوطنية أمام المحاولات المحمومة لتحطيم تلك المقومات عبر آليتي الأسر: التحقيق ونظام التعامل اليومي في الأسر. هذا على المستوى العام. كما أكّد الرفيدي على أن الحياة الثقافية في الأسر قد ساهم في بلورة الهوية الأيديولوجية للمعتقَل كما ساهمت في تماسك البنية التنظيمية للأسرى بتنوعاتهم السياسية وتصليب الكادرات وتنويع تجربتها لنقل التجربة وتركيمه.