تمثلات النساء الفلسطينيات في الخطاب الاستعماري الغربي

سنة الإصدار: 2007

المؤلف/ة: أميرة

المشرف/ة: إسماعيل الناشف

لجنة النقاش: ريما حمامي وعبد الكريم البرغوثي

ملخص:

هذه الدراسة تبين كيف يكون خطاب الباحثات الأكاديميات الغربيات عن النساء الفلسطينيات محكوماً بالعلاقات الاستعمارية التي تربط الغرب بالفلسطينيين، بحيث يبقى هذا الخطاب جزءاً من خطاب استعماري غربي. مع أن النساء في الغرب تعرّضنَ وما زلن للاستثناء والإخضاع من قبل المؤسسة الرأسمالية الذكورية إلا أن هذا لم يمنع من أن يكون خطابهنّ قائماً على التحيز العنصري والجنسي الذي قام عليه الخطاب الاستعماري عن الشعوب المستعمَرة.

الدراسة تعتمد مفهوم فوكو للخطاب في التعامل مع نصوص الباحثات الغربيات عن النساء الفلسطينيات باعتباره نظام مؤسساتي مرتبط بقوى اقتصادية، اجتماعية وسياسية، تحدد القواعد والآليات التي وفقها يسير. بحيث يقوم التحليل على البحث في الكيفية التي تنعكس بها العلاقات الاستعمارية المتناقضة في النصوص التي تنتجها المؤسسة الأكاديمية الغربية عن النساء الفلسطينيات. الطرح هو أن المعرفة التي يتم بناؤها عن المجتمعات المستعمرة هي تلك التي تقوم على العقلانية الاستعمارية التي تسعى إلى تثبيت وتأكيد علاقات الخضوع والسيطرة الاستعمارية، هذه العقلانية كما تبين الدراسة موجودة أيضاً في خطاب الباحثات الغربيات. في هذا الخطاب، النساء الفلسطينيات، حياتهنّ ونضالهنّ يتم تشييؤها، كمادة دراسة، تعمل الباحثات الغربيات على تصنيعها وصياغتها ما يتلاءم مع القواعد والقيود التي خطها الخطاب الاستعماري بحيث تكون تمثلات النساء الفلسطينيات في الخطاب الاستعماري، واحدة من الاستراتيجيات التي يستخدمها الخطاب لتعزيز السيطرة الاستعمارية على النساء الفلسطينيات ومجتمعهنّ.

قاعدتان أساسيتان في الخطاب الاستعماري تتكرران في خطاب الباحثات الغربيات؛ وضع الغرب على أنه المعيار الذي على المجتمع الفلسطيني أن يصل إليه من خلال تخلصه من التقليد والثقافة الفلسطينية التي أيضاً يتم وضع النساء الفلسطينيات على أنهنّ رموزاً لها، وبالتالي أوضاعهنّ وأدوارهنّ تكون مؤشراً على حداثيته أو تقليديته، والثانية هي تأكيد اختلاف (دونية) النساء الفلسطينيات عن النساء الغربيات (المفترض تفوقهنّ)، بحيث يتم التأكيد على قاعدة الاختلاف الجوهري بين الغربي المستعمِر والشرقي المستعمَر في خطاب الباحثات الأكاديميات الغربيات. هذا التأكيد يكون واضحاً في الحديث عن "التغيرات الإيجابية" في حياة النساء الفلسطينيات التي يتم عزوها إلى الاحتكاك مع الاستعمار الغربي والصهيوني، في الوقت نفسه الذي يتم فيه تأكيد استمرار دونية أوضاع النساء التي يتم عزوها للثقافة المستعمَرة.

النساء الفلسطينيات في خطاب الباحثات الغربيات يظهرنَ مسلوبات الفاعلية ومصوَّرات على أنهنّ ضحايا ومضطهَدات من قبل الثقافة المستعمَرة التي تحرمهنّ من تطوير وعي نسوي، أو تحقيق أية مكاسب فيما ترى الباحثات الغربيات أنه يشكل مصالح النساء، بحيث يكون السؤال في خطاب الباحثات الغربيات عن العقلانية وراء مشاركة النساء الفلسطينيات في المقاومة، التي تكون الباحثات الغربيات قد أجبنَ مسبقاً أنها لم تحقق مكاسب "للنساء"، بل تعمل على استغلالهنّ. نضال النساء الفلسطينيات تتم صياغته على أنه امتداد لأدوار تقليدية مرتبطة بأدوارهنّ الإنجابية مما يعني أن مشاركة النساء في النضال ضد الاحتلال تتم صياغتها بحيث لا تعبر عن نسوية أو سياسية بل عن شكل بدائي من الوعي والعمل، معززات الخطاب الاستعماري الذكوري الذي يقوم على عنصرية وتحيز جنسي في الوقت الواحد.

الباحثات الغربيات في خطابهنّ عن النساء الفلسطينيات المستعمرات ادّعينَ تضامناً يقوم على أساس خضوع جنسي تعاني منه كل النساء في العالم، في محاولة للتغطية على علاقات القوة الاستعمارية بينهنّ وبين النساء الفلسطينيات، الباحثات الغربيات انتقدنَ سيطرة الأجندة القومية على النساء المستعمَرات دون التشكيك في أجندتهنّ الاستعمارية التي تقوم على ادعاء التضامن بينما تنفي النسوية عن النساء الفلسطينيات، وتتجاهل الاضطهاد الذي يتعرضنَ له من قبل الاحتلال، مؤكدةً أن النضال ضده لا يعبر عن نضال "النساء" من أجل "مصالحهنّ". بحيث يستمر الإصرار على أن النضال النسوي لا يمت بصلة للنضال ضد الاستعمار، ومشاركة النساء المستعمَرات في النضال ضد الاستعمار هو انحراف يعبر عن افتقار بالوعي بما يجب أن يكون نضالهنّ الأساسي.

الدراسة تبين أن العلاقة التي يقوم عليها خطاب الباحثات الغربيات عن النساء الفلسطينيات هي تلك التي تقوم على التحيز ضد الآخر المستعمَر الذي يعتبر مهدِّداً للذات الغربية، هذا الخوف يظهر في الهوس بأدوار النساء الإنجابية ومشاركتهنّ في المقاومة. خطاب الباحثات الغربيات، كما الخطاب الذكوري الليبرالي، يعمل على احتواء هذا الخطر من خلال نفي السياسية والوعي عن مثل هذه الأدوار التي تقوم بها النساء الفلسطينيات، وكما في الخطاب الاستعماري، من خلال وضع النساء الفلسطينيات في علاقة تقابلية مع المجتمع الفلسطيني وحركة المقاومة الفلسطينية، التي تقاوم الغرب التحديثي وتعمل على تعزيز ثقافة تقليدية، حيث التأكيد أن الأول هو لصالح النساء الفلسطينيات، والثانية تعمل على قمعهنّ واضطهادهنّ. ما يراد بيانه في هذه الدراسة هو أن خطاب الباحثات الغربيات يحاول احتواء الخطر الذي يراه المستعمِر في النساء الفلسطينيات بالبحث عن تشابهات واختلافات بين النساء الغربيات والنساء الفلسطينيات، الأولى تضع النساء الفلسطينيات المستعمَرات والغربيات على جانب واحد، والثانية تضع النساء الفلسطينيات على طرف مقابل لثقافتهنّ وقوميتهنّ بجعل الأخيرة السبب الرئيسي لدونية أوضاعهنّ.