الوعي النسوي والنشاط السياسي للنساء الفلسطينيات في الأحزاب السياسية

سنة الإصدار: 2008

المؤلف/ة: فداء إبراهيم البرغوثي

المشرف/ة: رندة ناصر

لجنة النقاش: إبراهيم مكاوي وأيلين كتاب

ملخص:

تهدف هذه الدراسة أساسا إلى رسم ملمح شاملة لماهية الوعي النسوي الذي تتمتع به النساء المقربات من الأحزاب السياسية الوطنية السياسية في المجتمع الفلسطيني، كمحا تهدف إلى فحص أثر مستوى النشاط السياسي والانتماء الحزبي وتجارب الحياة على الوعي النسوي. وقد تم تكوين أداة قياس للوعي النسوي على مستويين، يتعلق المستوى الأول بالوعي على مستوى الفكر ويتضمن أبعادا ثلاثة: 1) الوعي للمساواة في الفرص والحقوق؛ 2) الوعي لسمات وخصائص المرأة؛ 3) الوعي لتقسيم وتخصيص المهام والأدوار داخل العائلة. أما المستوى الثاني فيتعلق في الممارسة القائمة على أساس الوعي النسوي وتتضمن بعدين اثنين: 1) القدرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بالحياة الشخصية؛ 2) القدرة على تغيير العلاقات والأدوار التقليدية في المجال الخاص. وقد اعتمد البحث على دمج نوعين من البحث كيفي وكمي، باستخدام مجموعة من أساليب جمع البيانات: المقابلات المعمّقة مع 30 ناشطة سياسية من مواقع قيادية ومتوسطة وجماهيرية لخمسة أحزاب سياسية (فتح، حماس، حزب الشعب، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين(، والاستبيان الكمّيّ، الذي يتضمن أدوات قياس (أسئلة) مغلقة تتمحور  حول الأبعاد التي تم تصميمها لقياس ظاهرة الوعي النسوي في حيز الفكر والممارسة القائمة على أساس الوعي النسوي، تم توزيعه على عينة غير عشوائية مكونة من 250 امرأة من المقربات للحركات السياسية المختلفة في الضفة والقطاع. وتم تحليل النتائج التي وفرتها كل أداة، ومن ثمّ تمّ ربط النتائج ومقارنتها معاً لإعطاء صورة شمولية لظاهرة الدراسة والوصول إلى أعلى درجات الصدق والدقة الممكنة في العلوم الاجتماعية.

وقد أظهر البحث أن نسب النساء الواعيات، تتباين وتتأرجح في مستويين، المستوى التكتيكي الذي يظهر وعيا أكبر للمساواة في التعليم والحماية من العنف والعمل والوصول إلى مواقع صنع القرار أو المشاركة في النظام السياسي، ومستوى آخر استراتيجي يظهر عمق امتداد جذور القيم الثقافية والنظرة النمطية التي تعزز من تبعية المرأة من أجل الحفاظ على بنية النظام الأبوي القائم حاليا، والتي تضع النساء أمام واقع ثقافي واجتماعي يجعلهن فريسة التناقض ما بين رغبتهن في التماهي مع القيم الإنسانية العامة من جهة والعادات والقيم والتصورات الأبوية المترسخة في ذهنية المجتمع من جهة ثانية، إذ تغلب الأخيرة عندما يتم التطرق إليها بشكل مباشر. الأمر الذي ظهر جليا من خلال وعيهن النسوي الذي تأثر إلى حد ما بعض المؤشرات التي تتعلق ببعد الفرص والحقوق من مثل الميراث، وحرية الحركة وقوانين الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، وإلى حد متوسط في بعض المؤشرات التي تتعلق بتقسيم الأدوار داخل العائلة من مثل مهمة اتخاذ القرارات المهمة في العائلة التي بالأمور المالية، ومهمة تحضير الطعام، وفي مهمة الاعتناء بنظافة البيت والملابس، كما تأثر وعيهن النسوي إلى حد كبير تجاه عناوين تتعلق بسمات وخصائص المرأة، تحديدا في مجال المتعلق بقدرة المرأة على القيام بأعمال توصف ثقافيا بأنها حكر على الرجال، من مثل قيادة التريللات أو  العمل في الباطون، ما يعني أن تأييد المشاركات في البحث للمساواة المطلقة أو المساواة لمؤشر العمل في بعد الفرص والحقوق والذي وصل إلى 83.4% لا يوازيه بالضرورة وجود وعي أو إيمان بقدرة المرأة على خوض أعمال تعتبر ثقافيا حكرا على الرجل. كما تجدر الإشارة إلى أن وعي النساء لتأييد المساواة المطلقة أو المساواة في العمل لا يوازيه إيمان بضرورة إعادة توزيع الأدوار وتقسيم المهام في المنزل إلى حد ما في حيز الفكر، إذ بلغت نسب النساء اللواتي اعتقدن بضرورة مشاركة الزوجين في مهمة اتخاذ القرارات المهمة في العائلة التي تتعلق بالأمور المالية (64.6%)، وفي مهمة تحضير الطعام (54.3%)، وفي مهمة الاعتناء بنظافة البيت والملابس (53.1%) مقارنة ب 83.4% للنساء اللواتي أيدن المساواة المطلقة أو المساواة في العمل.

وأخيرا، فإنه من الضرورة بمكان الإشارة إلى أن حوالي ثلث المشاركات في البحث يتمتعن بوعي نسوي للمساواة في جميع الأبعاد والمؤشرات بالرغم من صعوبتها ومتطلبات التغيير الجذري لبنية العلاقات الجنسية وثقافة المجتمع الأبوية التي توحيها هذه المؤشرات.