واقع الآليات الوطنية للنهوض بأوضاع المرأة الفلسطينية: 1996-2008

سنة الإصدار: 2010

المؤلف/ة: نائلة قاسم عرفات رازم

المشرف/ة: أحمد مصلح

لجنة النقاش: أيلين كتاب وعبد الرحيم الشيخ

ملخص:

تهدف هذه الدراسة إلى محاولة رسم معالم نشأة وتطور مسار الآليات الوطنية للنهوض بأوضاع المرأة الفلسطينية في ضوء التوجهات الدولية والتجارب الإقليمية في إطار محاولات دمج منظور النوع الاجتماعي في صلب العملية التنموية، حيث تتبع هذه الدراسة مسار الآليات الوطنية الذي أخذ أشكالا ومستويات ومراحل مختلفة ابتداء من المؤتمر الدولي الأول للمرأة (مكسيكو ستي 1975) مرورا بالمؤتمرات الدولية اللاحقة الخاصة بالمرأة وصولا إلى مؤتمر بكين 1995، حيث تصدرت الدعوة لضرورة تبني الحكومات مسار الآليات الوطنية للنهوض بأوضاع المرأة جدول الأعمال العالمي للمؤسسات الدولية والحكومية.

وبينت الدراسة بأن السلطة الوطنية الفلسطينية التي نشأت عام 1994 قد تبنت مسار الآليات الوطنية للنهوض بأوضاع المرأة، رغم حداثة النشأة وخصوصية التجربة الفلسطينية، وذلك انسجاما مع التوجهات الدولية والإقليمية، حيث تزامن نشأة السلطة مع انعقاد المؤتمر العالمي الرابع للمرأة (بكين 1995) ومنهاج العمل الصادر عنه.

واستعرضت الدراسة معالم هذه الآليات على الصعيد الفلسطيني من خلال محاولة تتبع الاتجاهات الرئيسية والتغييرات التي حدثت في مجالات المؤسسات والتشريعات والسياسات بهدف النهوض بأوضاع المرأة الفلسطينية.

على صعيد المؤسسات ميزت الدراسة بين ثلاثة مراحل مما تم تبنية من قبل الحكومات الفلسطينية المتعاقبة في هذا المجال:

المرحلة الأولى: بدأت منذ إنشاء دوائر ووحدات المرأة في المؤسسات والوزارات الحكومية عام 1996، حيث التزمت الحكومة الفلسطينية بإنشاء هذه الأجسام الحكومية للنهوض بأوضاع المرأة. وقد وجدت الدراسة بأن هذه الأجسام في تلك المرحلة قد افتقدت للعديد من متطلبات وعوامل النجاح للقيام بمهامها، حيث واجهت التهميش وبعدها عن مستويات صنع القرار، وافتقادها لموارد بشرية ومالية مناسبة وكافية. المرحلة الثانية: بدأت وزراء شؤون المرأة عام 2003 كآلية رسمية حكومية تعمل على النهوض بأوضاع المرأة الفلسطينية في جميع المجالات. إلا أن الدراسة بينت بان هذه الآلية الرسمية، لم تنجز المهمات المنوطة بها على أكمل وجه، وفقا لما حدده منهاج بكين. وذلك مرده لأسباب متعلقة بالآلية نفسها، إضافة لأسباب تتعلق بالدعم الحكومي لها.

المرحلة الثالثة: تمثلت بإنشاء وحدات النوع الاجتماعي في الوزارات والمؤسسات الحكومية عام 2008 بهدف تعميم النوع الاجتماعي في خطط وسياسات الوزارات، وتدقيق ومتابعة البرامج والسياسات من منظور النوع الاجتماعي. وأشارت الدراسة إلى أبرز التحديات التي واجهت هذه المرحلة وأهمها القرار الصادر عن الحكومة بإنشاء هذه الوحدات في الوزارات، حيث لاحظت الدراسة بان القرار على الرغم من أهميته، إلا انه لم يعبر عن اهتمام وإرادة حقيقية في تحسين أوضاع المرأة الفلسطينية، حيث أتى غير ملزما للوزارات بإنشاء هذه الوحدات ضمن هيكلياتها، كما لم يحدد موقعها على هيكلية الوزارة، ولم يشر للموازنات والموارد البشرية التي يجب توفيرها لهذه الوحدات لتتمكن من القيام بالمهام الموكلة إليها.

وبينت الدراسة بان السلطة الوطنية الفلسطينية تبنت العديد من الإجراءات على المستوى التشريعي والقانوني من أجل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وذلك من خلال اعتماد مبدأ المساواة بين الجنسين في القانون الأساسي والقوانين الصادرة عن المجلس التشريعي الفلسطيني، واعتماد مبدأ التمييز الإيجابي للمرأة في بعض القوانين الخاصة بالانتخابات التشريعية والمحلية، بالمقابل رصدت الدراسة استمرار سريان العديد من القوانين التمييزية ضد المرأة مثل قانوني (العقوبات، الأحوال الشخصية)، إضافة للتمييز في اللوائح التنفيذية لبعض القوانين مثل قانوني (الأحوال المدنية، الخدمة المدنية).

وتتبعت الدراسة جهود السلطة الفلسطينية في تضمين مصالح المرأة ومحاولة دمج منظور النوع الاجتماعي في خطط التنمية الوطنية. ووجدت الدراسة بان هذه الخطط قد مرت بمرحلتين من حيث الإعداد، وتحديد الأولويات، والموازنة. المرحلة الأولى: امتدت منذ نشأة السلطة ما قبل عام 2005، حيث لاحظت الدراسة تغييب قضايا المرأة ومصالحها الاستراتيجية عن أولويات هذه الخطط. المرحلة الثانية: بدأت منذ عام 2005، ورصدت الدراسة التطور التدريجي الذي بدأ يطرأ على صعد تضمين قضايا المرأة ومصالحها في خطط التنمية، وتجلى ذلك في "خطة الإصلاح والتنمية الفلسطينية 2008-2010".

وخلصت الدراسة أنه وبالرغم من التقدم الحاصل على صعيد تبني السلطة الفلسطينية لمسار الآليات الوطنية، وما تم إنجازه في هذا المضمار من تغيرات إيجابية على المستوى المؤسساتي والتشريعي والسياساتي، إلا أنه لم تلحظ الدراسة توفر الإرادة السياسية بشكل كافٍ لدى صناع القرار الفلسطيني، وبرز ذلك من خلال قصور القرارات والخطط الحكومية المتعلقة بإنشاء الآليات الوطنية للنهوض بالمرأة، وعدم تخصيص الموازنة والموارد البشرية الكافية والمناسبة، واستمرار سريان قوانين تمييزية ضد المرأة، والتي تعتبر عوامل حاسمة في نجاح هذه الآليات لإحداث التغيير المطلوب.