سنة الإصدار: 2013
المؤلف/ة: ربى صليبا جريس طوطح
المشرف/ة: إصلاح جاد
لجنة النقاش: أيلين كتاب ووليد الشرفا
ملخص:
على اعتبار أن الاستعمار يعنى أساساً بعلاقات القوى التي تفرض على الإنسان، ومعتقداته، ونمط حياته، فإنه يلعب دور رئيسياً في تطور علاقات الإنسان المؤدي، وفي مسيرة تطور الفنون الأدائية عامة. تنظر هذه الدراسة إلى وعي المؤدي/ة حول رسالته/ا المقدمة من خلال الأداء على اعتبار تأثره بدرجة تدينه أو تدينها، وتأثره بالطبقة التي يعتبر أو تعبر نفسها منتمية إليها، وتأثره بعلاقات النوع الاجتماعي السائدة ضمن سياق استعماري، والتي تحكم بالضرورة تمثلات جنسانية أو جنسانيتها.
وما يدعو الجدل في هذه الدراسة أنه لطالما أن المسرح والرقص هما أداتان يستخدمهما المؤدي المثقف من الطبقة الوسطى من أجل التعبير عن واقع واهتمامات مجتمع ما ثقافياً، فإن مستوى الوعي برسالة الأداء لدى المؤدين الفلسطينيين من هذه الطبقة يحتكم لمؤثرات عدة متعمقة بدرجة التدين، والانتماء الطبقي، إضافة إلى علاقات النوع الاجتماعي السائدة، جميعها ضمن سياق استعماري. والإجابة المفترضة لسؤال البحث هي أن للمؤدين في فلسطين وعياً ذاتيا (فردياً) وجمعياً حول رسالة الأداء، إلا أن وعيهم ومفهومهم فيما يتعلق بكيفية توظيف الجنسانية للمؤدية وللمؤدي من خلال الأداء، تساهم في تقليل عدم المساواة في النوع الاجتماعي في الأوساط الأقل تديناً، وفي الأوساط التي تنتمي للطبقة الوسطى حيث الوعي بالمساواة المبنية على النوع الاجتماعي أكبر.
إن الدراسات المتعلقة بالفنون الأدائية الفلسطينية، المسرح والرقص تحديداً، تبين أن النساء الفلسطينيات فاعلات في مجال الأداء، إلا أنها لم تحلل العوامل المؤثرة على أدائهن مثل درجة تدينهن، والعوامل الأخرى. كما أنها تدرس هذه العوامل لدى المؤدين الذكور أيضاً. عربياً، وفي القرن العشرين وما بعد، شهدت الساحة السياسية والاجتماعية نهوضاً للتيارات المحافظة، والداعية الإسلاميين، ممن أثاروا نقاشات جادة فيما يتعلق بتثبيط وتحريم مشاركة مؤديات فاعلات في مجال السينما والتلفزيون، على اعتبار عدم شرعيتها وتماشيها مع أحكام الله، مما أدى بالكثير للانسحاب من مجال الأداء.
وتعتمد هذه الدراسة المنهج الكيفي من خلال توثيق مشاهدات في مجال الفنون الأدائية وتنفيذ مقابلات شبه بنائية مع ثلاثين مبحوثاً ومبحوثة في مجال الفنون الأدائية في فلسطين، وتحمل تجاربهم وأنماط حياتهم بما يخدم فرضية ومفاهيم البحث.
وتضيف هذه الدراسة قيمة نظرية واجتماعية سياسية، من خلال الإجابة على سؤال الدراسة تتفتح الآفاق للفهم والتنظير حول الطبقة الوسطى الفلسطينية مما يتيح للباحثين لفهم العلاقة بين هذه الطبقة وممثليها فيما يتعلق بالمساواة بين الذكور والإناث في المجتمع الفلسطيني.
وخلص البحث إلى نتيجة تشير إلى أن المؤدين في المسرح والرقص لديهم وعي فردي بالرسالة من الأداء يطرحه المؤدون بقوة والذي يتقاطع بالضرورة مع الهوية الجمعية الفلسطينية. وإن هذا الوعي الفردي قام على مدار فترة الأداء التي يغطيها هذا البحث بتطوير تكتيكات تنسجم مع الأوساط الدينية المختلفة، ولا تقتصر على الأوساط الأقل دينية فقط. إضافة لذلك، وعلى الرغم أن المؤدين أظهروا انتماء للطبقية الوسطى، فإن التكتيكات التي ناوروا بها القوى المهيمنة على فكرهم لم تنعكس بالقدر الكافي على وعيهم بالمصالح الجندرية لمجتمع المؤدين، وبالتالي اقتصرت على تكتيكات تكيف، ولكنها تتفاعل عضويا وباستمرار لتحقيق التغيير.