تكتيكات التجاوز والمناورة عند المرأة الفلسطينية في ظل وجود الاستعمار الصهيوني: جدار الفصل العنصري نموذجا

سنة الإصدار: 2013

المؤلف/ة: أميرة منير أندراوس هلال

المشرف/ة: رندة ناصر

لجنة النقاش: ريما حمامي ولينة ميعاري

ملخص:

تتناول هذه الدراسة الحياة اليومية لبعض النساء الفلسطينيات اللواتي يسكنّ في منطقة بيت لحـم المعزولة بجدار وحواجز ومعابر طرق ويعبرن في الخفاء إلى مدينة القدس المحتلة عن طريـق اختراق السياج "الشيك" الذي يفصل بين الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة بهدف الوصول إلى أماكن عملهن في الدرجة الأولى. والتعرف على الآليات التي تستخدمها تلك النسـاء لإنجـاح عملية عبورهن تلك هو الهدف من هذه الدراسة، بالإضافة إلى معرفة الدوافع التي تدفعهن للقيـام بهذا العمل وتعريض أنفسهن على جميع المسـتويات الجسـمانية والنفسـية لقـوات الاحـتلال الصهيوني الذي يقوم بممارسات القمع والتعذيب ضد الفلسطينيين باستمرار. ومن خـلال سـرد رواياتهن سنتمكن من فهم المعاني التي تنتجها النساء عند ممارسة نشـاطاتهن المختلفـة تلـك، بالإضافة إلى الكشف عن مصادر القوى التي تسيطر على ذواتهن وكيفية تعاملهن معها. وللوصول إلى هدف البحث تم استخدام منهج المسح الكيفي من خلال أسلوب الانخراط المباشـر والمتكرر مع مجتمع النساء اللواتي يعبرن إلى مدينة القدس المحتلة فـي الخفـاء، والمقـابلات المعمقة وجلسات النقاش والزيارات، بالإضافة إلى التجربة الشخصية لعملية العبور الخفـي مـع مجموعة من النساء، وذلك من أجل التعرف المعمق لحقيقة تلك التجارب العملية. وقد تم اختيار عينة الدراسة بمساعدة أفراد تثق النساء بهم كل الثقة وعن طريق النساء أنفسهن حيث أصـبحت المعلومات الضرورية لإنجاز البحث تكبر مثل كرة الثلج، مع الأخذ بعين الاعتبار فكرة التنويـع في مناطق عيش النساء السكنية.

أظهرت هذه الدراسة بأن الممارسات التي تقوم بها النساء لإنجاح عملية عبورهن الخفي تُعتبـر مقاومة للاحتلال الصهيوني وللمجتمع الذكوري الفلسطيني، وفي نفس الوقت يمكـن اعتبارهـا هروبا من واقعهن الاجتماعي وإيجاد المتعة لذواتهن. فالتطرق إلى مجتمع يختلف عن مجتمعات الدراسات التي عالجت مفهومي الحياة اليومية والمقاومة، أظهر معانٍ أخرى لمفهوم المقاومة.

 فبالرغم من أن السبب الرئيسي من بدء انخراط النساء في سوق العمل هو العامل الاقتصادي لكن المعنى قد تحول إلى معنى سياسي يعكس نفسه ببزوغ فكرة المقاومة السياسية. فما تقوم به تلك النسوة من سعي لبيع الخضار أو العمل في التنظيف، لا يدلّ على ممارسة نشاطات فيها مقاومـة سياسية، لكن المعنى الكامن والحاضن لكل هذه العملية هو عدم الاستسلام لأساليب القمـع التـي يستخدمها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، والإيمان بحق الذهاب إلى مدينـة القـدس المحتلة رغما عن وجود الحواجز وجدار الفصل العنصري الخانق الذي يمنع الفلسـطينيين مـن الوجود في أرضهم التي سلبت منهم بدون أي نوع من المساءلة القانونية المحلية أو الدولية.

وقد تحول المعنى أيضا إلى معنى اجتماعي يتحدى علاقات القوة والسيطرة الذكورية التي تقيد تحركات وتصرفات النساء. فقد بينت الدراسة بأن كل امرأة تتعامل مع علاقات القوى المجتمعية بناء على ظروفها وإمكانياتها.

ونشاطات النساء أيضا تعتبر مصدراً لمتعة النساء أنفسهن، لأن النساء بعملهن في مدينة القـدس المحتلة يهربن من مجتمعهن الذي يقيد تصرفاتهن وتحركاتهن، وينطلقن إلى عالم مغاير يجـدن فيه الشعور بالذات والتحرر من المجتمع ومن مسؤولياتهن ولو لساعات محدودة.