سنة الإصدار: 2014
المؤلف/ة: هدى أبو زيد
المشرف/ة: لينة ميعاري
لجنة النقاش: رندة ناصر وريما حمامي
ملخص:
يسعى الاستيطان الصهيوني الإحلالي في فلسطين إلى عزل المقدسيين في مدينة القدس عن فلسطينيي المناطق الفلسطينية وتطهيرهم عرقيا وإحلال اليهود مكانهم. ومن السخرية بمكان أن يتم ذلك مشفوعا بالقانون وليس أمرا خارجا عنه. وتتمثل الخصوصية في مسألة تفريغ القدس من سكانها أن القانون الإسرائيلي يعتبر الفلسطينيين العرب المقدسيين مقيمين دائمين إلى أن يثبت أنهم انتقلوا للسكن خارج القدس ليتم بذلك طردهم منها.
إن تطبيق قانون منع لم شمل العائلات للعرب الفلسطينيين المقدسيين والذي أصدرته إسرائيل عام 2003 يعتبر انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في المساواة والحرية والحرية الشخصية والحياة العائلية. كما وأن هذا القانون ينبع من مبدأ التمييز العنصري ضد الفلسطينيين الذي يمنعهم من حقهم في اختيار شركاء حياتهم وتأسيس عائلاتهم. لا يؤدي هذا القانون إلى تفريق هذه العائلات فقط، ولكنه يؤثر سلبا على تكوين عائلات جديدة. إن هذا القانون هو جزء من السياسات التي تنتهجها إسرائيل لفرض الحصار على مدينة القدس وتطبيق مشروع التطهير العرقي ضد العرب الفلسطينيين فيها.
تلقي هذه الدراسة الضوء على التحديات التي تواجهها العائلات الفلسطينية خاصة التي تكون فيها الزوجة فلسطينية مقدسية تحمل الهوية الإسرائيلية، ويكون الزوج فلسطيني يحمل الهوية الفلسطينية. تعاني هذه العائلات جراء السياسات والإجراءات غير القانونية التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين. وقد كان قانون منع لم الشمل.
لا تعيش هذه العائلات حياة طبيعية لأنهم محظور عليهم وبشكل ممنهج أن يعيشوا في مدينة القدس وأن يحصل الزوج على لم شمل يسمح له بالدخول والعيش والعمل فيها.
إن هذا الأمر يجعل مستقبل زواج المقدسيات من فلسطينيين غير واضح ومعقد جدا. وذلك لأن الزوج الفلسطيني والمتزوج من مواطنة مقدسية فلسطينية وتحمل الهوية الإسرائيلية، لا يستطيع الدخول إلى مدينة القدس إلا بعد أن يحصل على تصريح خاص بالدخول. ولا يستطيع الزوج التقدم للحصول على مثل هذا التصريح إلا بعد بلوغه عمر ال 36. لا يعني هذا بالضرورة أن التقدم بالطلب للحصول على هذا التصريح يكفل الحصول عليه. حيث أن الكثيرين يتم رفض منحهم إياه لدواع أمنية، كما أن الكثيرين قد ينتظرون لسنوات عدة للحصول عليه.
وفي مثل هذه الظروف لا يستطيع الزوج العيش في مدينة القدس مع العائلة ولا تستطيع الزوجة الانتقال للسكن في مناطق السلطة الفلسطينية، لأن ذلك معناه أن تفقد إقامتها المقدسية الدائمة وتفقد بذلك هويتها وحقوقها وحقوق أولادها، ولا يتم السماح لها بالدخول مجددا لمدينة القدس. تقوم بعض العائلات بإيجاد حلا بديلا للم شملها بنفسها وهو الانتقال للسكن في ضواحي القدس، والتي تقع خارج جدار الفصل العنصري. ولكنها تضطر بذلك تحمل مشاق مرور الحواجز العسكرية جينة وذهابا مع تحمله من انتظار وإهانات وربما مخاطر.
إن استراتيجيات الآلة الاستعمارية تجعل حياة هذه العائلات تواجه تحديات سياسية اجتماعية واقتصادية وثقافية. وكما يتضح من سياق الدراسة فان التحد الأكبر لهذه العائلات هو جغرافي- سياسي وهو مسألة السكن في مدينة القدس. حيث لا تستطيع الكثير من العائلات الاستمرار في السكن في القدس وذلك بسبب تكاليف الحياة الباهظة والضرائب المفروضة. كما وتظهر الدراسة التكتيكات التي تقوم بها النساء لإدارة حياتهن اليومية الخاصة والتي تتعرض للانكشاف أمام الآلة الاستيطانية الاستعمارية الإسرائيلية.
تظهر تكتيكات النساء قدرتهن على تكييف أنفسهن مع الواقع السياسي والاجتماعي الذي يعشن به وذلك للحفاظ على بقاء العائلة وتماسكها. وتظهر الدراسة كيف تتجاوز النساء التحديات الثقافية المتمثلة في المفاهيم الأبوية الاجتماعية حول مكان سكن الزوجة، وكيف تتجاوز النساء بتكتيكاتهن مسألة مكان السكن، وهي السياسة الصهيونية التمييزية التطهيرية الأخطر ضد الفلسطينيين المقدسيين. وأيضا تظهر الدراسة كيف تواجه النساء الفلسطينيات المقدسيات التحديات الاقتصادية وذلك بالانخراط في سوق العمل، وكيف يتحولن بذلك إلى موقع ترأس رب الأسرة وصنع القرار.
إن النساء الفلسطينيات المقدسيات قادرات على تكييف أوضاع حياتهن اليومية تماشيا مع التحديات القائمة وذلك لتحقيق أهداف أساسية وهي الحفاظ على تماسك ووحدة الأسرة والاستمرار في السكن في القدس. إن عدم الرحيل من مدينة القدس هو جوهر المقاومة والصمود ضد المخططات الصهيونية الاستعمارية التي تسعى بكل الأساليب الممكنة لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، العرب لفلسطينيين، وإحلال المستوطنين الصهاينة بدلا منهم.