الإصلاح القانوني وتحقيق المساواة بين الجنسين

سنة الإصدار: 2014

المؤلف/ة: خديجة حسين نصر

المشرف/ة: إصلاح جاد

لجنة النقاش: فراس ملحم وهيلغا بومغارتن

ملخص:

تبحث هذه الدراسة في موضوع الإصلاح القانوني لتحقيق المساواة للمرأة في السياق الفلسطيني متناولة في التحليل الأسس النظرية التي استند عليها الإصلاح القانوني كوسيلة لتحقيق المساواة للمرأة.

انتقدت العديد من النظريات النسوية الأخرى كالنسوية الماركسية والنسوية الراديكالية والنسوية الإسلامية الفكر النسوي الليبرالي ومنهج الإصلاح القانوني، وقدمت العديد من المنظّرات النسويات انتقاداتهن بشأن قدرة القانون على تحقيق المساواة للمرأة؛ وذلك أولا : لأسباب تتعلق بالفكر الليبرالي ذاته ؛ كقيام الليبرالية على أسس خاطئة لا تصلح للرجال أو  النساء أو المجتمع بشكل عام أي فشل الليبرالية كفلسفة اجتماعية عامة، وكذلك نتيجة عدم اهتمام التيار الليبرالي بالبحث في جذور الثقافة التقليدية والقوانين التي تكرس بدورها دونية المرأة وتنتقص من حقوقها الإنسانية. وثانيا: لأسباب تتعلق بالقانون ذاته حيث يمثّل القانون قوالب جامدة وأداة استبدادية بيد السلطات الهرمية ومنفصل عن واقع النساء وتجاربهن. كما تعتبر العديد من المنظّرات النسويات أن التشريعات وجميع المؤسسات القانونية في المجتمع هي مصدر قوة النظام الأبوي وتحسين مكانة المرأة القانونية لا يتطابق بالضرورة مع تحسين مماثل في مكانتها الاجتماعية والاقتصادية حيث يتميز الخطاب الحقوقي بأنه كوني غير متجذر في السياقات الثقافية والسياسية والتاريخية. بينت الدراسة أن التوجه النسوي الليبرالي لم ينتج معرفة خاصة به في السياق الفلسطيني، فأعاد هذا التوجه ما أنتجته المعرفة النسوية الليبرالية الغربية، فتم الاستناد إلى الاستراتيجيات التي أفرزتها النسوية الليبرالية لتحقيق المساواة للمرأة، فأصبح القانون أحد المعاول الرئيسة لتحقيق المساواة،  فأنصب اهتمام المؤسسات النسوية على نيل الحقوق القانونية والتخلي عن السياسات والقوانين التمييزية بالمعاملة المتساوية وخصوصا في المجال العام وذلك من خلال مناداتهن بالإصلاح القانوني من أجل المعاملة المتساوية، وافترضن أن هذه المعاملة المتساوية تتحدى دونية المرأة وتقلّل من التفاوت في التعامل بين الرجال والنساء المستند إلى النوع الاجتماعي الموجود في القانون . أغفلت المؤسسات النسوية السياقات الواقعية والقانونية للمرأة الفلسطينية ولم تقدم حلو لا إبداعية تتناسب وتنسجم مع الواقع والسياق الفلسطيني ومع احتياجات وتجارب النساء الفلسطينيات، فقد أغفلن العديد من السياقات السياسية والقانونية والاجتماعية للنساء الفلسطينيات، كالاحتلال الإسرائيلي وتأثيره على حياة النساء، وفقدان السلطة الفلسطينية لسيادتها، والانقسام السياسي بين الضفة الغربية وغزة ودوره في تجزئة النساء وتعدد السلطات القانونية، واستخدام القانون كوسيلة سياسية بيد صانعي القرار، وعدم انعكاس حالة المساواة القانونية على واقع النساء.

وصلت الدراسة إلى خلاصة مفادها أن الإصلاح القانوني يتعامى عن الواقع الذي تعيشه النساء الفلسطينيات، فهن لسن متشابهات في السياق القانوني التاريخي؛ فما زلن يتأثّرن بالتركة التشريعية والموروث الاجتماعي، الذي استمر لعقود طويلة كرس خلاله ثقافات مختلفة لكل منظومة تشريعية، وهن لسن متشابهات أمام قدرتهن في الانتفاع من منظومة الحقوق الواردة في القوانين التي تم تعديلها وفق منظومة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

إن محاولة توحيد الفلسطينيات من خلال توحيد الخطاب الحقوقي عبر قانون واحد يؤدي إلى إقصاء موروث ثقافي ساد مئات من السنين وتشكّل في وجدان الفلسطينيات، ويلغي إمكانية الاستفادة من هذا الموروث في تحقيق المساواة، بالإضافة إلى إمكانية تشكّل فجوة بين القانون وبين الواقع الممارس. إن الاستمرار في ترجمة الحقوق من خلال القانون دون الاعتبار للسياقات المختلفة، يؤدي إلى أن تصبح الحقوق الواردة في القانون مجردة وشكلية ولا تعالج الاضطهاد في البنى التحتية، بل قد تؤدي إلى التغطية على واقع الاضطهاد وتحدّ من نتائج وعائد النقاشات والجدال النسوية، والتعامل مع القانون الواحد إقليميا يحدّ من إمكانيات التغيير القانوني، يقمع الخيال، ويُسكت بعض الأصوات وبعض الحجج داخل المجال القانوني.