الزراعة التصديرية في الأغوار الفلسطينية وأثرها على النساء العاملات

سنة الإصدار: 2019

المؤلف/ة: إيمان محمود أحمد عساف

المشرف/ة: سامية البطمة

لجنة النقاش: لينة ميعاري وأميرة سلمي

ملخص:

نقطة الانطلاق المركزية لهذه الأطروحة، تكمن في الكشف عن آثار متطلبات الزراعة التصديرية في الأغوار الفلسطينية، كنتاج للسياسات الاقتصادية النيوليبراليةٍ، في السياق الاستعماري الاستيطاني، على النساء العاملات في هذه الزراعة. فالعديد من الأدبيات الوطنية روجت للزراعة التصديرية كأداة تنموية ستشكل رافعة اقتصادية هامة، بالإضافة لدورها التشغيلي ومحاربة البطالة. وغاب عن مجمل هذه الدراسات واقع النساء وظروف عملهن، وغاب أيضا التراجع بل الانحدار الذي أصاب القطاع الزراعي من حيث مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي من ناحية، وقدرته التشغيلية من ناحية أخرى. وعلى أهمية الدراسات التي درست الزراعة التصديرية وآثارها على القطاع الزراعي بشكل خاص، والاقتصاد بشكل عام، وانعكاساتها على السيادة على الغذاء للمواطنين، تبقى هذه الدراسات قليلة بل نادرة.

سأركز في هذا البحث على السياسات النيوليبرالية التي مهدت ودعمت التوجه للزراعة التصديرية، وتوسعها، وآثار هذا النمط من الزراعة على العاملات الفلسطينيات وأسرهن، في منطقة الأغوار الفلسطينية وأسعى إلى الكشف عن الجوانب المتعددة للاستغلال الواقع على النساء، وفهم التحولات على حياة هؤلاء النساء العاملات في الزراعة التصديرية، واستكشاف وفهم تجاربهن في العمل والأسرة كفئة غير متجانسة، من حيث العمر؛ الإعالة؛ والتعليم؛ وطبيعة العمل سواء بأجر أو لصالح الأسرة.

وأسعى أيضا إلى المساهمة في الجدل القائم حول دور الزراعة التصديرية، من خلال الكشف عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والصحية المتعلقة بظروف عمل النساء في هذا النمط من الزراعة، واستكشاف الدوافع لعمل النساء فيها، وفحص خيارات وفرص العمل الأخرى المتاحة أمامهن، في ظل ارتفاع معدلات البطالة للنساء، وتدني مستوى التحصيل العلمي للعاملات في هذه الزراعة، في سياق الاستعمار الاستيطاني، والسياسات الاقتصادية النيوليبرالية، التي عمقت انخراط رأس المال المحلي في الاقتصاد العالمي. وشكلت دافعا قويا للتوجه للزراعة التصديرية، وما أفرزته من تحولات في أنماط الزراعة وأنماط عمل النساء فيها.

وعليه اعتمد البحث منهجية البحث الكيفي من خلال المقابلات المعمقة مع النساء العاملات، وتم تحليل 16 مقابلة فردية، لتروي النساء روايات متعددة عن أشكال الاستغلال الذي يتعرضن له في العمل. بالإضافة لأدوار النساء المركبة في العمل والمنزل والمسؤوليات العائلية.  خلص البحث إلى أن الزراعة التصديرية تقوم على استغلال النساء العاملات في شروط وظروف العمل، ويتجلى هذا الاستغلال في ساعات العمل الطويلة؛ والحرمان من الإجازات والعطل الأسبوعية المدفوعة الأجر؛ وانخفاض الأجور قياساً بساعات العمل والجهد المبذول؛ والافتقار لشروط السالمة والصحة المهنية؛ وعدم تقديم العالج والتعويض في حالة التعرض لإصابات العمل والأمراض المهنية؛ والحرمان من مستحقات نهاية الخدمة.

حدة ظروف العمل المذكورة جاءت كنتيجة لتحكم المستورد واحتياجاته وتوقيت طلبياته بالعاملات في مراكز التعبئة من جانب، وتحكم نضج المحصول بالعاملات في الحقل، والخاضع أيضاً لرغبات المستورد. ونجت العاملات في الزراعة التقليدية من هذه الشروط الاستغلالية المجحفة، لاستقلالها عن تحكم احتياجات ورغبات المستورد بعملها. ومن ناحية أخرى، تتجلى الآثار السلبية وأحياناً المدمرة لهذا النمط من الزراعة، على حياة العاملات وحياة أسرهن وأطفالهن بشكل عام، والإناث منهم بشكل خاص، اللواتي يختبرن الحرمان من الطفولة، وتحمل مسؤوليات الأب والأم في رعاية صغار الأطفال، بالإضافة لأعمال المنزلية، في الوقت الذي ينأى فيه الآباء بأنفسهم عن المشاركة في تحمل جزء من هذه المسؤوليات، ولا تتمكن الأمهات من الإيفاء بكامل المسؤوليات العائلية؛ كالرعاية (للأطفال وذوي الإعاقة وكبار السن)، إلى جانب الأعمال المنزلية.

هذا بالإضافة إلى تسرب الأطفال من المدرسة، إما للمساعدة في مزرعة الأسرة، أو للانتقال مع الأسرة من مكان لأخر، وفقاً للمواسم الزراعية. وتواجه عاملات الزراعة التصديرية وأطفالهن وأسرهن، تحدياً من نوع آخر يكمن في تهديد هذا النمط من الزراعة، للسيادة على الغذاء سواء لهؤلاء العاملات، أو جمهور الفالحين/ات الذين انتقلوا للزراعة التصديرية، كمزارعين في مزارعهم، أو كفالحين تم تحويلهم لعمال بأجر في هذه الزراعة.