التهميش المركب: عن روايات المعتقلات الفلسطينيات لتجاربهن في الأسر

سنة الإصدار: 2020

المؤلف/ة: نور بدر

المشرف/ة: لينة ميعاري

لجنة النقاش: أميرة سلمي وعلاء العزة

ملخص:

تعنى هذه الدراسة بأصوات مهمشي المهمشين في التاريخ الوطني الفلسطيني وهنّ المعتقلات الفلسطينيات، ّوتسعى لفهم وتحليل تجاربهن الاعتقالية بتفاصيلها المنطوقة وغير المنطوقة، الرئيسية والثانوية، من خلال رواياتهن حول مرحلة ما قبل الاعتقال ومرحلة الاعتقال وما بعد الاعتقال.

تتخذ الدارسة موقعاً لها من داخل الهامش، الهامش الذي يعني الاختلاف، المقاومة والتحدي، والتي تأتي من قبل هؤلاء الذين يعيشون فيه، ويعانون من التهميش المركب أولاً بشقيه الاجتماعي والسياسي، وثانياً الهيمنة الاستعمارية، وثالثاً الاختزال الصوتي. إن الدراسة بهذا الطرح تتبنى زاوية معرفة جديدة، إذ تنتقل إلى الهامش، إلى جانب هؤلاء المعتقلات، اللواتي يملكن تلك الأصوات المتعددة.

تتناول الدراسة روايات المعتقلات الفلسطينيات بين الأعوام 1985-2019، اللواتي تعرضن للاعتقال بادعاء نشاطهن السياسي الذي يضر فيما يعرفه المستعمر الصهيوني بـ"أمن إسرائيل"، وتم الإفراج عنهن بعد قضاء محكوميتهن في السجون الاستعمارية الصهيونية، أو من خلال محكمة الثلث، أو صفقة تبادل، وممن لم يسبق لهن الحديث عن تجاربهن السياسية أو الخوض فيها بتفاصيلها، حيث تم إجراء ثلاثة عشر مقابلة مع عينة قصدية توافقت مع أهداف الدراسة.

الدراسة تعتمد حقل التاريخ الشفوي في التحليل، والذي يحيلنا إلى وسيلة البحث، وهي الرواية الشفوية. بحيث التحليل على فكرة أن ما نحصل عليه من خلال الرواية الشفوية يلعب دوراً في كتابة تاريخ "الفواعل المهمشة"، تاريخهم الحيّ الذي يتجاوز الكتابة الأكاديمية ويضعنا في العديد من المواقع المتعددة والمعقدة، ويتيح لنا كأشخاص وباحثين من فهم التجربة بتفاصيلها ومشاهدها الرئيسية والثانوية، التي تشكل المشهد والقصة الأكثر حيوية وتفصيلاً.

يعتمد تحليل الدراسة على المحاور التالية: كيفية وقو ع حدث الاعتقال، بربط ذلك مع المحيط الذي شهد ومارس عملية الاعتقال، الأهل، الضابط والمحقق، المعتقلات في السجن، والتواصل مع الناس في الخارج، توقعات وأهاجيس وأفكار ومشاعر المعتقلة أثناء الاعتقال، كيف ظهر حدث الاعتقال في رواية المعتقلة من لحظته الأولى إلى اللحظة التي خرجت فيها من المعتقل، على اعتبار أن حدث الاعتقال كان عبارة عن مجموعة من الأجزاء، و كل جزء هو قضية، وكل قضية احتوت على مجموعة من الأصوات، كيف أثر حدث الاعتقال على قرار المعتقلة بالعودة للحياة السياسية أو عدمها بعد الخروج من السجن، وكيف أثر على قدرة المعتقلة على رواية تجربتها السياسية بكل تفاصيلها الثانوية والرئيسية، دون أن تشعر إما بالخجل أو الخوف من كون ما تعرضت له في فترة الاعتقال قد يكون له تبعات قد تقود إلى إعادة اعتقالها مرة أخرى، أو عدم الرغبة بتوظيفها في إحدى المؤسسات، خصوصا ، أو حتى العمل على إنهاء عملها إذا ما أفصحت بحرية عن رأيها السياسي أو انتمائها الفصائلي، أو على قدرتها على حرية الارتباط واختيار الشريك بحرية ودون إجبار.

توصلت هذه الدراسة إلى ستة استنتاجات رئيسية:

  • الاستنتاج الأول يرتبط بالسياق الزمني للتجربة الاعتقالية، بحيث أظهر هذا البعد التباين في عمق الامتداد الشعبي للتجربة الاعتقالية ما قبل فترة أوسلو وما بعدها، فأظهرت الروايات عمق هذا الامتداد الشعبي للتجربة الشخصية ما قبل اتفاقية أوسلو، ثم لاحقاً تلاشى أو ضعف بعد اتفاقية أوسلوا.
  • الاستنتاج الثاني أبرزته آليات السيطرة الاستعمارية، من خلال تعدد أدوات الإخضاع التي تمارس على الجسد.
  • الاستنتاج الثالث يظهر بصورة الثورة المضادة آليات السيطرة وهي آليات الصمود، وتظهر هذه الآليات بصورة مركزية أثناء مرحلة "السجن، على اعتبار أن المكان والسياسات في المعتقل الاستعماري مقسمة إلى مجموعة من الوحدات، كل وحدة تعمل ضمن آلية مختلفة يجمعها هدف واحد وهو كسر الصمود.
  • الاستنتاج الرابع أبرزه النضال الجديد بعد الخروج من المعتقل، بحيث وقعت المعتقلة التي تتلهف إلى إعادة الاندماج في الحياة بين فكي الرقابة المحلية التي تأتي أولاً من دائرتها الصغيرة المتمثلة بالأهل والعائلة، إلى الدائرة الأكبر المتمثلة بأجهزة المخابرات التابعة للسلطة الوطنية وصولاً إلى الرقابة الاستعمارية.
  • الاستنتاج الخامس أظهر أن منظومة المعتقل قائمة بأكملها على مبدأ الحرمان، ويكون الرد على ذلك من قبل المعتقلات بالتضامن، التضامن للتغلب على الألم، فيذوب الألم الفردي بالألم الجماعي، بحيث تصبح العالقة المبنية على الألم أمتن وأقوى من العالقة المبنية في وضعها الطبيعي.
  • الاستنتاج السادس إن المعتقلات لسن أسطورة، إنهن بشر، لديهن مشاعر وأحاسيس واختلاجات وشوق وعذاب.