التخطيط الاستراتيجي الجندري في فلسطين  

سنة الإصدار: 2022

المؤلف/ة: رانية أبو دف

المشرف/ة: إصلاح جاد

لجنة النقاش: أميرة سلمي وريما حمامي

ملخص:

تمثل هذه الدراسة محاولة متواضعة لتقديم تحليل نقدي للتخطيط الاستراتيجي الجندري في فلسطين  بشكل عام، وفحص مدى انسجامه مع السياق التاريخي الذي يمر به الشعب والقضية الفلسطينية في ما بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو عام 1993 بشكل عام وواقع النساء في فلسطين بشكل خاص، ومدى تأثره بقيم وانحيازات القائمين على التخطيط، وعلاقته بأطر ومناهج التحليل والتخطيط الجندري الدولية، وقدرته على تحقيق غاياته المنشودة، وذلك بالتركيز على الخطة الاستراتيجية الحالية (الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز المساواة والعدالة بين الجنسين وتمكين المرأة 2017-2022)، والتي تم تعديل مسماها بعد مراجعة السنوات الثلاث الأولى إلى (الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز المساواة بين الجنسين 2020-2022).

وتمثلت جدلية الدراسة بأن التخطيط الاستراتيجي الجندري الفلسطيني قد لا يكون قائما على إدراك موضوعي للواقع المعاش لأوضاع النساء فيما تبقى من فلسطين التاريخية (الضفة الغربية، غزة والقدس)، والحاجة للعمل على تغييره من أسفل وبمشاركة النساء أنفسهن، ولكنه قد يعتمد على مدى فاعلية لجان التخطيط العليا والمؤسسات الشريكة والبيروقراطية الحكومية، وعلى تأثير توجهات المؤسسات الدولية وتبني أطر التخطيط الجندري العالمية المغيبة للسياق الخاص، إلى جانب مصالح وقيم وانحيازات المخططين وأصحاب القرار أنفسهم.

وقد استخدم في الدراسة المنهج الكيفي من خلال المقابلات المعمقة/ شبه المنظمة مع ممثلي الهيئات والأطر الرسمية والأهلية والدولية الشريكة، المعنية بالتخطيط الاستراتيجي الجندري، إلى جانب استخدام مقاربات متنوعة كتحليل الخطاب التخطيطي الجندري وتحليل المضمون، وكذلك أسلوب الملاحظة، من خلال المشاركة في اجتماع الهيئات الوطنية واللجان المعنية برسم وتحديث الخطط الاستراتيجية الوطنية وعبر القطاعية، وحضور أنشطة وفعاليات المنظمات النسائية ذات الصلة بالتحليل والتخطيط الاستراتيجي الجندري.

وخلصت الدراسة إلى أن التخطيط الاستراتيجي الجندري في فلسطين، هو أقرب في قناعات وتصرف المخططين والجهات الرسمية الفلسطينية والمؤسسات الشريكة إلى التخطيط الجندري لمرحلة ما بعد النزاع والاستقلال وبناء الدولة، مما يبعد غاياته وأولوياته نسبيا عن سياقها الوطني الفلسطيني الملموس والاحتياجات الفعلية للنساء الفلسطينيات، مركزا إياها في أجندة المنظمات الدولية الليبرالية والنيوليبرالية، وإعطاء أولوية لمواءمة القوانين والتشريعات والسياسات الوطنية مع مبادئ وأحكام الاتفاقات والمعاهدات والقرارات الدولية انشدادا إلى الالتزامات والمسؤوليات المترتبة على دولة فلسطين جراء انضمامها إليها وللحصول على التمويل اللازم ورضا الممولين والمؤسسات الدولية. ويتبنى المخطط الفلسطيني إطار ومنهج تعميم النوع الاجتماعي، (Gender Mainstreaming)، مكرسا من خلال ممارسته التخطيط المركزي من أعلى إلى أسفل بعيدا عن التشاركية، مقصرا إياه على الضفة الغربية، مما يعزز الانقسام. كما أنه تخطيط فني وتقني غير مسيس وأقرب إلى التحليل ويعاني من انفصام بين الجانب النظري والتطبيق العملي.

وعليه فإن الدراسة توصي بضرورة أن يعيد المخطط الفلسطيني والقيادات النسوية الفلسطينية دراسة السياق الفلسطيني لعلاقات النوع الاجتماعي بشكل أعمق، وتحديد احتياجات ومصالح النساء العملية والاستراتيجية بشكل أدق، وإشراك القاعدة النسوية في صياغة الخطط الاستراتيجية الجندرية، وجعل التخطيط أكثر تشاركية، وبشراكة تامة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك إلى جانب ضرورة إعادة الاعتبار لمهمة التحرر الوطني للحركة النسوية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال وما يرتبط بذلك من مهام وأساليب وأشكال عمل. كما توصي الدراسة بالعمل من أجل التجاوز الإيجابي لاطار ومنهج تعميم منظور النوع الاجتماعي المعتمد، عبر الاستفادة من مختلف المقاربات في اطار التحليل والتخطيط الجندري، وضرورة الربط بين النظرية والتطبيق، والانشداد إلى البعد السياسي ذي الصلة بالمصالح والاحتياجات الاستراتيجية للمرأة، وبحيث يتمكن التخطيط من رسم برامج وسياسات تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الفلسطينية ذات الأبعاد الفريدة الناتجة عن التشوهات التي لحقت بالهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة، الناتجة عن استمرار الاحتلال وعلاقات السيطرة الكولونيالية والنيوكولونيالية والعولمة النيو ليبرالية، ووجود سلطة مقيدة قانونيا وسياسيا واقتصاديا، ونظام سياسي مختلط ومشوه ومنقسم

مفاهيم مفتاحية: التخطيط الجندري؛ تعميم منظور النوع الاجتماعي؛ الخصوصية الفلسطينية؛ الاحتياجات الاستراتيجية للمرأة؛ السياق الكولونيالي والنيوكولونيالية.