كجزء من عمل معهد دراسات المرأة في جمع ونشر شهادات النساء من غزة، استضاف معهد دراسات المرأة يوم الأربعاء 8 أيار 2024 الكاتبة الغزيّة بيسان نتيل نازحة إلى دير البلح في لقاء حواريّ عبر تقنية زووم.
في البداية رحّبت د. رانيا جواد، مديرة معهد دراسات المرأة، بالحضور وبالكاتبة التي "سَجلت تجربة طفولة جَدتها في النكبة، وتسجل اليوم تجارب الأطفال في هذا العنف الإبادي" و"تشاركنا اليوم بمشروعها لتوثيق شهادات الأطفال وعلاقاتهم بالمكان والحرب والأرض والبحر". وخلال كلمة د. رانيا، قامت د. سما دواني، مديرة برنامج الماجستير في علم النفس المجتمعي، بقراءة مقتطفين من كتابات بيسان نتيل ومن ثم طرحت د. رانيا سؤالاً حول كيفية فهم الشهادات "من ناحية إنتاجها وكيفية انتشارها (ارتحالها) وعلاقتها بالمتحدث ومحدداتها وأهميتها كنوع من إنتاج المعرفة".
بعد عرض فيديو قصير أعدّته بيسان بشكل خاص لهذا اللقاء يتضمّن بعضاً من شهادات الأطفال وحول الحرب في قطاع غزة، رحّبت د. سما دواني بالكاتبة وثمّنت عالياً الجهد الذي تقوم به ووجّهت عدة أسئلة لها تمحورت حول "سياق وسيرورة تجميع الشهادات" وكيف "تختلف عملية جمع الشهادات هذه عما يقوم به الإعلام في غزة" و"ماذا تعلمت الكاتبة كموثّقة لهذه الروايات عن المضامين المركزية التي وردت في شهادات الأطفال". وتحدثت الكاتبة نتيل عن بداية مشروع توثيق شهادات الأطفال الذي بدأ بشكل عفوي مع نزوحها من غزة إلى دير البلح ووجودها في مراكز الإيواء ومن ثم تحوّل إلى الرغبة في المساهمة في التأريخ الشفوي وتسجيل قصص الأطفال في ظل الإبادة. كما أسهبت في الحديث عن ظروف الأطفال الذين عايشتهم ومشاعرهم ما بين الحاضر- حرب الإبادة الجماعية وبين حياتهم السابقة.
وبعد أن قرأت د. سما دواني بعضاً من شهادات الأطفال كما وثّقتها الكاتبة بيسان نتيل، تساءلت حول ماهية وأهمية هذه التجربة بالنسبة للكاتبة التي تصغي وتوثّق وتجمع شهادات الأطفال وفي الوقت نفسه تعيش ظروف الحرب نفسها كما تساءلت حول تجربة تداخل صوت الأطفال وصوت الكاتبة في عملية الكتابة هذه، وإذا ما كان هناك من أهمية للرواية بالنسبة للراوي/الطفل.
أما د. سعيد شحادة، أستاذ علم النفس الإكلينيكي في دائرة العلوم الاجتماعية والسلوكية، فرحّب بالكاتبة وعبّر عن تقديره وامتنانه الكبير لما تقوم به ولمشاركته مع الجمهور وقال إنه إلى جانب الإبادة الجماعية الجسدية "هناك محاولة لإبادة نفسية التي تبدأ من فكرة محو الحياة أو ذواتنا ما قبل الحرب وفي ظل هذه الإبادة من الواضح كم هو مهم تجميع هذه الذكريات قبل أن نخسرها" كما أشار إلى أن ما تفعله بيسان من تجميع لهذه الشهادات وتوثيقها وتوصيفها هو تدخل يسترجع هذه الذوات التي تتعرض للملاحقة والمحو.
وبعد أن تحدثت الكاتبة بيسان عن كيفية تعارفها مع الأطفال الذين وثقت شهاداتهم وآليات التواصل معهم وتسجيل قصصهم وعن مشاعر الأطفال وردود أفعالهم ودوافعهم لسرد قصصهم، تحاور الحضور مع الكاتبة في شكل أسئلة حول عدد من القضايا مثل كيفية تعامل الأطفال في غزة مع كل ما يحدث وضرورة مراجعة مصطلحات علم النفس والتعامل معها في السياق الفلسطيني (مصطلح الصدمة النفسية على سبيل المثال وليس الحصر) وكذلك حول أشكال التضامن الاجتماعي في ظل هذا الظرف وكيفية التعلّم من تجارب الأطفال ، وطُرح تساؤل حول إمكانية تحويل هذا المشروع إلى عمل جمعي.